تكلمنا كثيرا عن مشاكل الشات وبلاياه، وحذرنا دوما من الوقوع في مثل هذه العلاقات المحرمة التي يؤز الشيطان الناس إليها من الجنسين، ولكن لما كان البعض ينخدع بما يطلق عليه شات إسلامي فيظن أن هذا المسمى سيعصم أعضاءه من الزلل، أحببنا أن نحذر أيضا من مشاكله التي لا تختلف عن غيره من غرف الشات ومشاكل التعارف والتحدث مع من لا يحل الحديث معه...
إنها قصة تتكرر للمرة المليون أو أكثر، والنتيجة لا تكاد تختلف، وكأن التحذير لا يجدي، ولابد أن يلدغ الإنسان بنفسه من نفس الجحر الذي لدغ منه الآخرون ليعلم أن فيه حية أو عقربا...
عموما هي قصة شاب أوقعه الشات -وإن كان كما يدعي إسلاميا- فسبب له مشكلة وأوقعه في ورطة يبحث لها عن حل.. أحببت أن أقدمها مرة أخرى لأحذر إخواني وأخواتي وأبنائي وبناتي لعل نداءاتي تجد آذانا صاغية، ولعل مخدوعا ينتبه.. يقول الشاب:
أنا شاب في منتصف العشرينات من عمري.. متزوج وعندي أولاد.. وقد إبتلاني الله بأن أحبتني فتاة حبًا جمًا ولا تعرف أني متزوج.. وكنت عرفتها من أحد الشاتات وكتمت عنها أمر زواجي، إذ أحببتها في لحظة ضعف وخشيت أن تتركني.. حاولت أن أبعدها عني بأن أخبرتها أن والدي يصر على تزويجي من ابنة عمي، وقالت: إنها مستعدة أن تكون زوجة ثانية لي لو تزوجت غيرها..
تركتها ثلاثة أشهر لا أجيب على اتصالها، ويعلم ربي أني تركت الأمر لله رعاية لزوجتي حفظها الله.. ووجدت من أيام رقمًا يتصل وكانت هي الفتاة.. طلبت مني أن أخبرها سبب بعدي وأقسمت لها بربي أنه لله وليس لشيء آخر.. قالت: أنا حاولت الإنتحار مرتين وأشعلت النار بغرفتها لأنها لا تطيق الحياة بدوني -ولا أعلم عنها كذبًا- وأنا الآن في حيرة من أمري.. هل أتركها مثل المرة الأولى؟ أم أخبرها بأمر زواجي؟ ولكن أخشى عليها من ذلك، بل من الممكن أن تقول: إنه لا مشكلة عندها من ذلك، لكن الأمر أني أريد ألا أكون خائنًا لزوجتي.
¤ ملحوظة:
الشات الذي عرفت فيه هذه الفتاة هو أحد الشاتات الإسلامية.. وأوجه نصيحة غالية لإخواني الشباب أن يحذروا على أنفسهم وأن يعرفوا أن قلوبهم قد تزيغ عن مراد الله منهم.. هدانا الله وإياكم إلى صراط مستقيم.
* الإجابة:
كانت هذه هي الإستشارة التي أرسلت إلى جريدة المصريون وكان رد الأستاذة أميمة السيد عليها كالتالي:
كلاكيت المرة -الله أعلم- لمصائب المفسد نت...
مهما نحذر ومهما نعرض من مشكلات بل وجرائم بسبب الإنترنت، وهو الذى أُطلق عليه دائما مسمى المفسد نت.. وعندما أطلقت عليه ذلك الاسم لم أفرق وقتها بين الشاتات الإسلامية وغيرها يا أخي، فالخطر الذى يكمن وراء ذلك السلاح ذي الحدين سبيله واحد وإستخدامه الخاطئ نتيجته مؤلمة، وإن تعددت سبل إستخدامه وتباينت روايات أصحابها.. فهو غالبًا مدخل للشيطان لا محالة، إن لم يراع المستخدم الله فيه وفى كل ما يكتب ويقرأ، ومع من يتعامل ونواياه من البداية للنهاية، منذ بداية الدخول على ذلك العالم المحتمل أن يكون إفتراضيًا في العديد من مواضعه.
وها أنت يا أخي تطرح مشكلتك تتبعها بنصيحة كبيرة ممزوجة بتحذير من أنك وقعت في حرمات الله من كذب وعلاقة عاطفية مع أجنبية، وربما كانت هناك تفصيلات أكبر وأكثر حرمة لم تذكرها في رسالتك.
فبالتأكيد عندما دخلت ذلك الشات الإسلامي لم تحمل نواياك أية مسبقات لعلاقات محرمة أو إرتباط بأي إنسانة غير زوجتك، التي يظهر جليًا لي حبك الكبير لها وخوفك على مشاعرها وعدم إستعدادك للزواج من أخرى غيرها، على الأقل في الوقت الحالي، وهو الأمر الذى ساقك أن تراسلني لأشاركك في حل مشكلتك التي أصبحت بالنسبة لك ورطة لا تستطيع الخروج من دائرتها.
خذ قرارك حالًا واحسم أمرك مع صديقة الشات، وإعترف لها بأنك متزوج وأنك تحب زوجتك، ثم إعترف لها بخطئك في حقها حينما كذبت عليها وأخفيت عنها أمر زواجك، فمن أخطأ فعليه أن يحاول تحمل نتائج تصحيح أخطائه بدلًا من التمادي في الكذب وإستمرار الأخطاء التي ربما توقعه في مشكلات أكبر، بل ربما تجذبه لإرتكاب جرائم لا يتوقع أن تصدر منه يومًا..
ثم عليك أن تقوم بحذف أي وسيلة للاتصال بها مرة أخرى غير الهاتف، حتى ما إذا اتصلت بك يتثنى لك معرفة أنها صاحبة الإتصال فلا ترد عليها مطلقًا.. ومع مرور الوقت ستنساك وستنساها ويصبح تعلقك بها كأن لم يكن.. صدقني فقد أثبت المثل المصري صدقه حين قالوا به قديمًا -البعيد عن العين بعيد عن القلب-.. فبالفعل أية إثارة للمشاعر تأتى عن طريق التعامل المستمر ثم التعود على الشخص، فإذا لم تتوفر وسائل الإتصال بين الطرفين بات أمر النسيان أيسر عليهما..
هي أيضًا مشتركة معك في الخطأ ولابد أن تُصدم في الحقيقة حتى تفيق من غفلتها ولا تحاول تكرارها..
ثم من يدريك؟! فكما كَذَبت أنت عليها وصدقتك هي تمامًا طيلة هذه الفترة، فربما كذبت هي أيضًا عليك في أشياء جوهرية تخص حياتها، لو إقتربت منها لدمرت حياتك كلها لا قدر الله.
وأخيرًا ما بنى على خطأ فهو خطأ.. وعلاقتك معها بنيت على الكذب والضلال بشكل مقنع بأنكم تتحدثون من خلال شات إسلامي متوهمين بالطبع أنه سيكون سببًا في أن يعصمكم من الخطأ.. وهو في حقيقة الأمر كان مدخلًا للشيطان والعياذ بالله، الذى إستغل ميل المرأة والرجل لبعضهما بالفطرة.. وضعف النفس البشرية، والدليل هو ضعف إيمانها حينما حاولت إزهاق روحها بيديها عندما إبتعدت عنها -على افتراض صدق روايتها- وضعف إيمانك أنت أيضًا حينما بدأت حديثك معها بكذبة..
على كل إنسان أن يحاول أن يعصم نفسه ويعفها ويقيها الوقوع في الشبهات.. فخير الجهاد هو جهاد النفس.. فمهما إختلفت أشكال المعاملات الإنسانية لكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح.
المصدر: جريدة المصريون.